اخبار مشاهيراخبار الصحة والجمال

براك دي جي إماراتي يُعيد تعريف الموسيقى الإلكترونية المحلية

في وقت تتسارع فيه التحولات الثقافية والفنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، يبرز الفنان الشاب مبارك يوسف عزير، المعروف بلقبه الفني “برّاك”، كأحد أبرز الأصوات الجديدة والواعدة في ساحة الموسيقى الإلكترونية، وتحديدًا في مجال الدي جي (DJ)، وهي مهنة إبداعية تعتمد على مهارات المزج الحي للمقاطع الصوتية وتأليف تجارب موسيقية تفاعلية تحاكي الجمهور لحظةً بلحظة، وتحوّل الأجواء إلى فضاء نابض بالحياة والإيقاع.

لقد أصبح الدي جي، أو كما يُعرف بـ Disc Jockey، عنصرًا أساسيًا ولا غنى عنه في مشهد الموسيقى المعاصرة حول العالم، وخاصة في الحفلات والمهرجانات والسهرات التي تتطلب طاقة موسيقية متجددة وغير متوقعة. إذ يتولى الـDJ مسؤولية خلق أجواء سمعية حيّة من خلال مزج أصوات ومسارات موسيقية متعددة بأسلوب يضمن تدفق الإيقاع وسلاسة الانتقال بين المقاطع، وهو ما يبرع فيه برّاك بلمسته الخاصة، التي تمزج بين الإيقاع الخليجي الأصيل والأنماط الإلكترونية العالمية الحديثة، ليقدّم للجمهور تجربة لا تشبه سواها.

من الغرف المغلقة إلى خشبات العروض الكبرى
لم يكن طريق مبارك يوسف عزير معبدًا منذ البداية، بل شقّ مساره بخطوات واثقة بدأت في غرفته الصغيرة، حيث كان يمضي ساعات طويلة أمام الحاسوب وبرامج إنتاج الصوت والمزج الرقمي. هناك، اكتشف عالمًا واسعًا من الإمكانيات الصوتية، وبدأ يجرب دمج المؤثرات والإيقاعات بطريقته الخاصة، محاولًا خلق صوت يعكس ذائقته وهويته الثقافية في آنٍ معًا. وما لبث هذا الشغف أن تحوّل إلى مشروع فني حقيقي، حمله من جلسات التجريب المنزلي إلى خشبات العروض المحلية في الفعاليات الثقافية والحفلات الشبابية، حيث أثبت برّاك قدرته على تحريك الجمهور وتغيير المزاج العام للحفل بالكامل بمهاراته في التلاعب بالإيقاع والديناميكية الصوتية.

يتذكر برّاك تلك اللحظات الأولى من ظهوره في العلن قائلًا:
“لم تكن الموسيقى بالنسبة لي مجرد مقاطع وألحان، بل كانت وسيلة تواصل مع الناس من دون كلمات. أن تكون دي جي يعني أن تفهم الجمهور من خلال أذنيه، وأن تبني معهم علاقة فورية عبر الإيقاع والذبذبات.”

صوت خليجي نابض بإيقاع عالمي
إن أكثر ما يميز برّاك بين أقرانه من الدي جي هو قدرته اللافتة على إعادة توظيف العناصر التراثية الإماراتية والخليجية بشكل معاصر وجاذب للأجيال الجديدة. فهو يوظف أصواتًا مألوفة من البيئة المحلية مثل خرير الماء، حفيف الرمال، أو حتى أصوات الصقور التي ترمز إلى الثقافة البدوية الإماراتية، ثم يدمجها بحرفية داخل قوالب موسيقية حديثة كأنماط الـDeep House والـTechno والـAmbient، ليخلق هوية سمعية فريدة يصعب تقليدها وتبقى عالقة في ذهن المستمع.

لم تقتصر مشاركات برّاك على الساحة المحلية فقط، بل تعدّاها إلى المشاركة في مهرجانات موسيقية دولية متخصصة في الموسيقى الإلكترونية والفنون الصوتية المعاصرة، ليؤكد من خلالها أنه ليس مجرد دي جي، بل فنان صوتي وصانع تجربة حسية متكاملة، يستحضر فيها تراثه ويقدمه للعالم في قالب معاصر وعالمي الطابع.

مشاريع مستقبلية وألبوم مرتقب
يعمل برّاك حاليًا على ألبومه الموسيقي الأول، والذي يُنتظر أن يكون مشروعًا نوعيًا في المشهد الفني الخليجي، إذ يهدف من خلاله إلى مزج الموسيقى الإلكترونية مع الإيقاعات الخليجية ونبض الحياة اليومية في الإمارات، ليخلق سردية موسيقية تجمع بين الحنين إلى الماضي والانفتاح على المستقبل. ويطمح برّاك إلى التعاون مع فنانين وموسيقيين من المنطقة وخارجها لصياغة أعمال تتجاوز التصنيفات المعتادة، وتفتح آفاقًا جديدة أمام الجمهور العربي والعالمي.

يقول عن ألبومه القادم:
“هذا الألبوم ليس مجرد تجميع لأغانٍ أو مقاطع راقصة، بل هو قصة تُروى بالإيقاع والنغم والذاكرة، قصة عنّي وعن مدينتي وعن الناس الذين ألهموني.”

فن يتقاطع مع الهوية ويرسم ملامح جديدة للمستقبل
يعتبر الكثيرون أن تجربة برّاك تمثل نموذجًا للفنان الإماراتي الشاب الذي يعيد تعريف دوره في المجتمع المعاصر؛ فهو لا يكتفي بتكرار الأشكال الفنية الجاهزة، بل يوظف مهاراته كدي جي وكمنتِج صوتي ليعيد صياغة التراث بصيغة حديثة تواكب ذائقة الأجيال الجديدة وتخاطب المستمع أينما كان. وبذلك يتحول الدي جي، في نظر برّاك، من مُعدّ مقاطع موسيقية للرقص والترفيه فقط، إلى فنان ومثقف وصانع ثقافة يساهم في صياغة الذاكرة الجماعية ونقلها عبر ترددات الصوت.

في هذا السياق، يعكس برّاك جانبًا من التحولات الثقافية التي تشهدها الإمارات اليوم، حيث تتلاقى التقاليد العريقة مع روح الابتكار والانفتاح على التجارب العالمية، ليظهر جيل جديد من الفنانين الذين يثبتون أن الفنون الحديثة، مهما بدت بعيدة عن التراث، يمكن أن تصبح جسرًا جديدًا لإعادة اكتشاف الذات والهوية وصياغة صورة معاصرة عنها.

إن قصة برّاك هي في جوهرها قصة شاب إماراتي آمن بموهبته، واستثمر في شغفه، وراهن على إبداعه ليصنع لنفسه مكانة خاصة في عالم الموسيقى الإلكترونية. وهي أيضًا دعوة مفتوحة لكل من يؤمن بأن الفن لا يعرف حدودًا ولا يقف عند لغة أو ثقافة واحدة، بل يمتد ليصل إلى الناس جميعًا، حيثما كانت قلوبهم مفتوحة لسماع الإيقاع.

الكاتب/ يوسف محمد

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى