توماس سودهوف: العداء للعلم في أميركا ليس ظاهرة جديدة

أكد العالم الألماني-الأميركي توماس سودهوف، الحائز جائزة نوبل في الطب عام 2013، أن العداء للعلم في الولايات المتحدة ليس بالأمر الجديد، مشيراً إلى أن حملات الدعاية المدفوعة بالمصالح الاقتصادية كانت سبباً رئيسياً في تقويض ثقة المجتمع بالعلم حتى قبل جائحة كورونا.
وقال سودهوف في حوار مع صحيفة إل باييس إن هذه القضية كانت محور نقاش مهم خلال اجتماع «لينداو» الرابع والسبعين لحائزي جائزة نوبل، والذي عُقد مطلع يوليو بحضور 32 عالماً نوبلياً على ضفاف بحيرة كونستانس، حيث نوقش ضمن أبرز الموضوعات استهداف إدارة البيت الأبيض لمؤسسات البحث العلمي.
سحب أبحاث وتصحيح أخطاء
عند سؤاله عن الأمر التنفيذي الصادر عن البيت الأبيض بعنوان “استعادة معيار الذهب العلمي”، وما إذا كان مختبره من بين المختبرات التي أُجبرت على سحب أبحاثها، أوضح سودهوف:
“لا أعلم إن كان المقصود مختبري تحديداً، لكننا بالفعل سحبنا ورقتين بحثيتين، ليس لأن النتائج كانت خاطئة، بل لوجود تناقضات في البيانات تعذر حلها فوراً. ورغم ذلك، فإن النتائج الرئيسية كانت صحيحة تماماً.”
وأضاف أن بعض الأخطاء الأخرى، مثل وضع الرسوم التوضيحية في أماكن خاطئة، كانت نتيجة المعالجة الرقمية للصور التي بدأ استخدامها قبل نحو 15 إلى 20 عاماً، موضحاً:
“هذه الأخطاء لم تكن مرئية سابقاً، لكن مع ظهور تقنيات الذكاء الاصطناعي أصبحت قابلة للكشف فجأة، رغم أنها لم تؤثر على جوهر النتائج العلمية.”
أزمة ثقة وليست أزمة علم
وعند الحديث عن أزمة الثقة بالعلم، نفى سودهوف أن يكون هناك ما يسمى بأزمة إعادة إنتاج النتائج العلمية، مؤكداً:
“النتائج قابلة للتكرار، وما حدث هو أن بعض الأخطاء التقنية لم تكن تؤثر على صحة الاكتشافات العلمية نفسها.”
لكنه أقر بوجود تراجع حقيقي في ثقة الجمهور بالعلم، مشيراً إلى أن هذا التراجع بدأ قبل كورونا، حيث لعبت الدعاية المدفوعة بالمصالح الاقتصادية، كما في قضية تغيّر المناخ، دوراً كبيراً في زعزعة الثقة، ثم تسارع هذا الاتجاه خلال الجائحة.
وأضاف:
“يجب علينا أيضاً الاعتراف بأن تطبيق نتائج الأبحاث في السياسات لم يكن دائماً شفافاً أو صادقاً، وهذا ساهم في ردود أفعال سياسية واجتماعية، يمكن قراءة فوز ترامب على سبيل المثال كأحد انعكاساتها.”
أخطاء خلال جائحة كورونا
أوضح سودهوف أن بعض العلماء، ومن بينهم هو نفسه، وقعوا في أخطاء ناتجة عن الذعر من تأثير الجائحة، قائلاً:
“الخوف من وفاة ملايين البشر دفعنا للمطالبة بتدابير لم تكن دائماً مبنية على أسس علمية صلبة، ما أدى إلى زيادة شكوك الفئات الاجتماعية الأكثر هشاشة، التي تحملت العبء الأكبر.”
مستقبل العلم في أميركا
وحول تخفيضات التمويل البحثي وهجوم الإدارة الأميركية على برامج التطعيم وجامعة هارفارد، اعتبر سودهوف أن ما يحدث قد يكون أكثر من مجرد حدث عابر، قائلاً:
“من الصعب التنبؤ بنهاية هذه العملية، لكنها تبدو نقطة تحوّل عميقة. هناك المزيد على المحك، وإدارة ترامب ركزت على إعادة تشكيل النخبة الأميركية وربما استبدالها.”
الصحفي/ خالد محمود