اخبار عالمية

فحوص روتينية مبكرة تكشف أمراضاً «صامتة» وتهدي مرضى فرصة إنقاذ حياتهم قبل فوات الأوان

أنقذت الفحوص الوقائية حياة طيارين كادا أن يقعا ضحية مضاعفات صحية خطرة من دون أن يشعرا بأي إنذار مسبق، إذ أظهر الفحص الروتيني السنوي لأحدهما إصابته بمشكلة خطيرة في الشرايين التاجية، ما استدعى خضوعه لجراحة قلب مفتوح بشكل عاجل. وفي حالة أخرى، لم يتوقع طيار آخر أن مجرد مرافقة زميله لإحدى العيادات سينقذه من جلطة قلبية مفاجئة، بعد أن شعر بانزعاج في صدره، ودفعه الفضول لإجراء فحص سريع كشف عن انسداد كامل في أحد الشرايين.

هذه الوقائع، بحسب أطباء مختصين تحدثوا لـ«الإمارات اليوم»، تسلط الضوء على خطورة ما يعرف بـ«الأمراض الصامتة» التي تتطور في الجسم من دون أي أعراض واضحة، ما يجعل اكتشافها في المراحل المبكرة أمراً بالغ الأهمية لتجنب مضاعفات قد تهدد الحياة.

سبعة أمراض صامتة تهدد الصحة العامة
وأوضح الأطباء أن قائمة الأمراض الصامتة تضم أمراض القلب والشرايين، بعض أنواع السرطان، ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع الكوليسترول، مرض السكري، مشكلات الغدة الدرقية، ومتلازمة تكيّس المبايض لدى النساء. مؤكدين أن هذه الأمراض إذا تُركت من دون تشخيص مبكر قد تؤدي إلى نتائج صحية كارثية، منها فشل عضلة القلب، الجلطات القلبية والدماغية، تلف الأعصاب والأوعية الدموية، العمى، وأمراض الكلى المزمنة.

أمراض القلب.. خطر يختبئ خلف الهدوء
وفي تفاصيل الحالات، قال استشاري طب القلب التداخلي، الدكتور براجيش ميتال، إن بعض أمراض القلب مثل ضيق الشرايين التاجية، أو اضطراب نظم القلب، أو أمراض صمامات القلب، غالباً ما تتطور بصمت من دون أن يدرك المريض أي أعراض حتى تحدث أزمة قلبية مفاجئة أو سكتة دماغية. وأضاف: «ارتفاع ضغط الدم يُعرف عالمياً بأنه القاتل الصامت لأنه يتقدم ببطء من دون أعراض واضحة حتى يُحدث تلفاً في الأوعية الدموية ويضاعف خطر الإصابة بالفشل الكلوي أو فقدان البصر».

وأشار إلى حالة لسيدة تبلغ من العمر 41 عاماً عانت لأشهر من السعال وضيق التنفس، وظنت أنها مصابة بالتهاب رئوي، ليتبين لاحقاً أن السبب هو ضعف متقدم في عضلة القلب نتيجة ارتفاع ضغط الدم الذي لم يُشخص في الوقت المناسب.

وفي حالة أخرى لرجل في الـ38 من عمره، رافق زميلاً له إلى العيادة ليكتشف الأطباء إصابته بجلطة حادة بعد شعوره بضغط خفيف في صدره، رغم عدم معرفته من قبل أنه يعاني ارتفاع الكوليسترول.

الأمراض الباطنية.. صامتة لكنها مميتة
من جهتها، أكدت أخصائية الطب الباطني، الدكتورة فرح كتانة، أنها كثيراً ما تصادف مرضى يظنون أنهم في أفضل حالاتهم الصحية، لكن الفحوص الروتينية تكشف أمراضاً مزمنة كانت تتطور ببطء داخل أجسامهم. وقالت: «الفحص الدوري قد ينقذ حياة الشخص، فالكشف المبكر يمنح المريض فرصة ذهبية للسيطرة على المرض قبل حدوث مضاعفات يصعب علاجها لاحقاً».

وأوضحت أن السكري من النوع الثاني من أبرز هذه الأمراض، إذ قد يرتفع مستوى السكر تدريجياً من دون أن يلاحظ المريض حتى تظهر مضاعفات خطرة على الأوعية الدموية والأعصاب. كما حذّرت من أن بعض أنواع السرطان مثل البروستاتا والغدة الدرقية قد لا تظهر أعراضها إلا في مراحل متقدمة يصبح فيها العلاج أكثر تعقيداً.

الغدد الصماء.. تحذير من تجاهل الأعراض البسيطة
من جانبها، شددت اختصاصية طب الغدد الصماء، الدكتورة شيماء رزق، على أن غياب الأعراض لا يعني بالضرورة سلامة الجسم، بل إن بعض أخطر الأمراض تُكتشف مصادفة خلال تحاليل روتينية أو بسبب شكوى بسيطة كالإرهاق أو تساقط الشعر.

وقالت: «قصور الغدة الدرقية، مقاومة الأنسولين، ونقص بعض الفيتامينات مثل فيتامين (د)، كلها حالات يمكن ألا تظهر بوضوح، لكنها تؤثر تدريجياً على طاقة الجسم والمناعة وصحة القلب والأوعية الدموية».

وذكرت حالة لشابة رياضية ثلاثينية جاءت تشتكي من تساقط الشعر، فاكتشفت بعد الفحوص أنها تعاني قصوراً شديداً في الغدة الدرقية، فيما كشفت الفحوص الروتينية لمريضة أخرى إصابتها بالسكري من النوع الثاني رغم عدم شعورها بأي أعراض لافتة.

رسالة الأطباء: لا تنتظر الأعراض.. افحص مبكراً تنقذ حياتك
في ختام حديثهم، دعا الأطباء جميع الأفراد، وخصوصاً الشباب، إلى عدم تجاهل الفحوص الوقائية السنوية، وعدم الاعتماد على الشعور بالصحة فقط كدليل على خلو الجسم من الأمراض، مؤكدين أن الالتزام بالتحاليل الدورية والتحقق من المؤشرات الحيوية مثل ضغط الدم، مستوى السكر، نسب الدهون والهرمونات، قد يكون الخطوة الأهم لإنقاذ الحياة قبل أن يفاجئ المرض ضحيته بمضاعفات يصعب علاجها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى