فيصل السريّع نجاح أي مشروع يُقاس بالقدرة على الاستمرار في تنفيذه وتطويره على أرض الواقع
كتب / ايمن خليل
أكد خبير التنمية البشرية فيصل السريّع أن الطريق إلى النجاح في أي مشروع لا يُقاس ببريق الفكرة في بدايتها، بل بمدى قدرة صاحبها على الاستمرار في تنفيذها وتطويرها على أرض الواقع، مشيرًا إلى أن “الأفكار وحدها لا تصنع النجاح، وإنما الصبر والانضباط والعمل المتواصل.”
وأوضح السريّع في حديثه خلال ندوة نظمها المجلس الثقافي بإمارة الشارقة تحت عنوان “من الفكرة إلى الاستمرارية”، أن النجاح لا يقوم على الشغف وحده، بل يحتاج إلى رؤية واضحة وخطة تنفيذية تواكب تغيرات السوق وتتعامل مع التحديات الواقعية. وأضاف أن كثيرًا من المبادرات تبدأ بحماس كبير لكنها تتوقف سريعًا، ليس بسبب ضعف الفكرة، بل لأن أصحابها لم يضعوا تصورًا دقيقًا لإدارة مراحل المشروع بعد الانطلاقة الأولى.
وقال السريّع إن الفكرة – مهما كانت مميزة – لا تمتلك قيمة حقيقية ما لم تتحول إلى خطوات عملية مدروسة، تبدأ بالتخطيط، ثم التنفيذ، ثم المراجعة المستمرة، موضحًا أن “السوق لا يكافئ من يملك فكرة لامعة، بل من يستطيع أن يحوّلها إلى إنجاز ثابت يثبت قيمته بمرور الوقت.”
وأضاف أن النجاح الحقيقي لا يتحقق في لحظة واحدة، بل هو عملية طويلة تتطلب التكيف مع الظروف، والصبر أمام التحديات، والمثابرة في تطوير الأداء، لافتًا إلى أن “كثيرًا من المشاريع تنهار ليس لأنها فاشلة، ولكن لأن أصحابها توقفوا عن المحاولة في منتصف الطريق.”
وأشار السريّع إلى أن من أبرز مظاهر الفشل المتكرر لدى رواد الأعمال الشباب هو الانتقال السريع من فكرة إلى أخرى بحثًا عن نتيجة فورية، موضحًا أن “كثرة البدايات دون نهاية واضحة تعني غياب الرؤية، لأن من يبدل اتجاهه في كل مرة لا يصل إلى أي مكان.”
وبيّن أن الاستمرارية لا تعني الجمود أو التكرار، بل هي القدرة على التعلم من الأخطاء، وإعادة ترتيب الأولويات، وتطوير أساليب العمل دون فقدان الهدف الأساسي. كما شدد على أهمية التعامل الواقعي مع النتائج، لأن المثالية الزائدة والمقارنة المستمرة مع الآخرين تجعل صاحب المشروع يفقد حماسه بسرعة.
وتحدث السريّع عن جانب آخر لا يقل أهمية، وهو بناء الفريق القادر على الاستمرار، موضحًا أن المشروعات الفردية تعتمد على طاقة صاحبها فقط، بينما المشاريع الناجحة تبنى على شراكات وتعاون ورؤية جماعية تسمح بالاستمرار حتى في غياب مؤسسها لفترة.

وأضاف أن إدارة الوقت والانضباط المالي عنصران أساسيان في الاستمرارية، فالمشروعات التي لا تراعي التوازن بين المصروفات والعائد أو تفتقد للمتابعة اليومية تتعرض للتآكل البطيء حتى تختفي، مهما كانت فكرتها جذابة في البداية.
ودعا السريّع الشباب إلى الابتعاد عن الانبهار بالمظاهر السريعة لقصص النجاح المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي، معتبرًا أن “النجاح الواقعي لا يُعرض في مقطع قصير، بل يُبنى في صمت عبر سنوات من المحاولات والتطوير.”
وأكد أن الاستمرارية هي الفارق بين الحلم والمشروع الحقيقي، لأنها تختبر الجدية والالتزام، وتكشف مدى إيمان الإنسان بما بدأه، مضيفًا أن النجاح يحتاج إلى رؤية طويلة الأمد لا تتأثر بالإخفاقات الصغيرة أو بطء النتائج.
وفي ختام حديثه، شدد فيصل السريّع على أن المشروعات التي تصمد أمام الوقت والتحديات هي وحدها التي تستحق أن تُسمى “ناجحة”، لأن الفكرة هي بداية الطريق، أما الاستمرارية فهي الرحلة بأكملها، مؤكدًا أن المستقبل لا يملكه من يبدؤون كثيرًا، بل من يستمرون بذكاء وثبات حتى النهاية.




