اخبار مشاهير

يحذّر محمد المسعود من الإفراط في الاعتماد على الذكاء الاصطناعي

في ظل التحولات السريعة التي يشهدها العالم الرقمي، ومع الانتشار الواسع لتقنيات الذكاء الاصطناعي في مجال التسويق وصناعة المحتوى، وجّه الإعلامي وخبير التسويق الرقمي محمد المسعود تحذيرًا واضحًا للمسوّقين وصنّاع المحتوى من الاعتماد الكامل على الأدوات الذكية دون وجود فكر إنساني يقودها، مؤكدًا أن التكنولوجيا مهما تطورت، ستظل الفكرة الأصلية والرسالة الإنسانية هي المحرّك الحقيقي لأي نجاح رقمي مستدام.

وقال المسعود، خلال حديثه في لقاء إعلامي ناقش مستقبل التسويق الرقمي، إن الذكاء الاصطناعي أصبح اليوم عنصرًا لا غنى عنه في تحليل البيانات وصياغة المحتوى وتوقّع سلوك المستهلكين، لكنه شدّد على أن “الاعتماد عليه بشكل مطلق قد يُفقد العملية التسويقية روحها”، موضحًا أن الجمهور لم يعد ينجذب إلى النصوص المصقولة تقنيًا بقدر ما يتأثر بـ”المحتوى الصادق الذي يشبهه ويعبّر عنه”.

وأضاف:

“الفكرة ما زالت أقوى من الأداة، والإنسان هو من يصنع القيمة قبل أن تصنعها الآلة. الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعدك على الوصول، لكنه لا يستطيع أن يمنحك الإحساس أو يخلق التفاعل الحقيقي مع الناس.”

وأشار المسعود إلى أن أخطر ما يواجه السوق الرقمي حاليًا هو تشابه المحتوى نتيجة الإفراط في استخدام القوالب الجاهزة والنصوص المُولّدة آليًا، لافتًا إلى أن كثيرًا من الصفحات والعلامات التجارية أصبحت “تتحدث اللغة نفسها وتستخدم الأسلوب نفسه”، مما جعل الجمهور يفقد الحماس ويشعر بالتكرار.

وتابع قائلاً إن النجاح في التسويق الرقمي لا يُقاس بعدد المنشورات أو الأدوات المستخدمة، بل يُقاس بمدى قدرة الرسالة على ترك أثر حقيقي في الوعي الجمعي. وأوضح أن التوازن بين التقنية والإبداع أصبح ضرورة لا خيارًا، فالتكنولوجيا تساعد على تسريع العمل وتحسين الأداء، لكن لا يمكن أن تكون بديلًا عن التفكير البشري الذي يضيف المعنى والهوية.

وفي تحليله لتطور سلوك المستخدمين خلال السنوات الأخيرة، أشار المسعود إلى أن المتابع الرقمي أصبح أكثر وعيًا وتمييزًا مما كان عليه سابقًا، فهو يدرك متى يُقدَّم له محتوى حقيقي ومتى يتعامل مع نصوص آلية تفتقر إلى الروح. وأكد أن هذا الوعي الجديد يتطلّب من المسوّقين أن يكونوا أكثر قربًا من الناس، وأن يتحدثوا إليهم بلغة إنسانية تلامس واقعهم واحتياجاتهم.

وأضاف:

“الذكاء الاصطناعي لا يستطيع أن يعيش التجربة الإنسانية، ولا يمكنه أن يفهم التفاصيل الصغيرة في حياة الناس. لذلك، إذا فقد المسوّق إحساسه بالجمهور، فسيفقد معه التأثير مهما كانت أدواته متقدمة.”

كما دعا المسعود المؤسسات والشركات إلى إعادة النظر في استراتيجياتها التسويقية، بحيث تدمج بين التكنولوجيا والإبداع، مؤكّدًا أن المستقبل لن يكون لمن يستخدم التقنية أكثر، بل لمن يستخدمها بذكاء ووعي ومسؤولية.

وأشار إلى أن الكثير من العلامات التجارية الكبرى بدأت تدرك مؤخرًا خطورة الإفراط في الأتمتة داخل حملاتها، وأنها عادت لتوظيف العنصر البشري في مراحل صناعة المحتوى والتفاعل مع العملاء، لأن الإنسان هو وحده القادر على بناء علاقة حقيقية مع الجمهور.

وفي ختام تصريحه، شدّد محمد المسعود على أن الذكاء الاصطناعي ليس عدوًا للمبدع، بل أداة يجب أن تُستخدم بوعي لتوسيع قدراته وليس لاستبداله، مؤكدًا أن العالم الرقمي سيظل بحاجة إلى من يفكر ويبدع ويعبّر، لا إلى من ينسخ وينتج بشكل آلي.

واختتم حديثه بقوله:

“في النهاية، السوق لا يتذكر من كان الأسرع في النشر، بل من كان الأصدق في التأثير. التكنولوجيا قد تصنع الشهرة، لكنها لا تصنع الثقة، والثقة هي أساس كل تسويق ناجح.”


 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى